12:44 - اليوم معلومات عن العضو رد على الموضوع بإضافة نص هذه المشاركة
أبو إبراهيم التميمي
• تعريف المشكلة :
وجود بعض المعاصي البارزة من بعض طلاب حلقات التحفيظ .
• الهدف من هذه الدراسة :
1. الإسهام في فتح آفاق تربوية وعملية للتعامل مع هذه الشريحة بما يناسب ، وليس وضع حل لكل معصية على حده .
2. معالجة أصحاب المعاصي الظاهرة كحلق اللحية والإسبال ... الخ ، والحد منها في مثل هذه الأوساط .
• مقدمات مهمة :
- يجب أن لا ننسى الجهود المشرقة لحلقات التحفيظ – بعد الله – في حفظ ناشئة وشباب الجيل من الانحراف عن الطريق المستقيم وهي أكثر من أن تحصر ، ولا ينكرها إلا من في قلبه دخن .
- الاهتمام ببناء المربي وتأهيله بشكل كافي ليستطيع القيام بأدواره بشكل جيد , فما كان يحتاجه المربي بالأمس من مهارات وخبرات لم يعد كافياً لعصر اليوم فهو يحتاج لقدرة جيدة على الإقناع والحوار ، ومعرفة بالدليل والخلاف ونحو ذلك .
- مهم أن لا ينزرع في إحساس الطلاب أو المعالِج من خلال تعاملنا مع المشكلة مفاهيم وسلوكيات خاطئة منها :
1- التركيز على بعض المعاصي وتضخيمها كالإسبال وحلق اللحية ونحوها . مع أننا قد نتساهل فيما هو أعظم منها كالصلاة والغيبة وغيرها ( تتأخر البرامج أحياناً لوقت قد يقطع فيه بأن نسبة كبيرة من الطلاب لن تستيقظ لصلاة الفجر !! ) .
2- البراء الزائد عن قدر المعصية , فالعاصي يوالى على قدر ما فيه من خير ويعادى على قدر ما فيه من شر ، فلا بد من جعل المعصية في حجمها الطبيعي ، وأن نفرق بين أنواع المعاصي من حيث المؤاخذة والمناصحة والهجر .
3- إحساس طلاب الحلقة – غير المجاهرين ببعض المعاصي ــ بالاصطفاء أو الكمال الزائد عن الحد .
4- العجز في حياتنا المستقبلية عن التعامل مع كل من ظهر عليه معصية والنفور منه ولو كان من أتقى الناس .
5- فقد ثقة الطالب بنفسه وشعورنا وشعوره بحاجته الدائمة إلى مزيد من الحماية .
- عدم إغفال عمر الطالب وأثر المراهقة عليه خصوصاً في عصر يعج بالمعاصي والمنكرات .
- هل المعصية قديمة أم طارئة ؟
- معرفة محيط المتربي يعين المربي على تحديد السبب بشكل جيد .
- حرص هؤلاء – أصحاب المعاصي – على الانضمام لهذه الحلقات يدل على خيرٍ فيهم وفي المجتمع .
- الاعتماد على الله تعالى وحده ، ثم بذل الأسباب ومن ثم : " ليس عليك هداهم ... " .
• هل المشكلة جديرة بالمناقشة ؟ ولماذا ؟
- نعم ، لعدة أمور منها :
1. أنها معصية لله تعالى .
2. أنها ظاهرة وفيها مجاهرة، ويخشى انطباق حديث الرسول صلى الله عليه وسلم : " كل أمتي معافى إلا المجاهرون .. " .
3. أنها تؤدي إلى آثار سيئة على الفرد والمحيط ولو على المدى البعيد كالاستهانة بحرمات الله .
4. خشية محق أو قلة البركة أو الخير والرحمة في هذه الأوساط بسبب التكاسل عن القيام بأمر الله تجاه هؤلاء .
5. أنه يخشى انتقال العدوى للآخرين في تلك الأوساط.
6. التنبؤ بتطور هذه المعاصي وتنوعها في المستقبل إذا لم تعالج بما يناسب .
7. أن الأصل في مثل هذه البيئات أن تكون أحرص الناس على تمثل الخير ظاهراً وباطناً.
8. أن أمثال هذه البيئات تحت المجهر اقتداءً ونقداً .
• أسباب المشكلة :
هناك أطراف قد تكون سبباً في حدوث مثل هذه المعاصي منها :
- الطالب نفسه .
- البيئة ( البيت ، المدرسة ، الحي ، الأقارب .. ) .
- المنهج المتبع في الحلقات إن وجد .
ومن خلال النظر إلى هذه الأطراف يمكن ذكر بعض الأسباب التي قد تشترك فيها جميعاً ، وقد تنفرد بعضها ببعض الأسباب ومن ذلك :
1. ضعف الإيمان وقلة الخوف من الله .
2. التساهل في الصغائر فهي تقود للكبائر .
3. أن يكون التزام الشخص عن عاطفة وليس عن اقتناع .
4. ضعف شخصية الطالب والشعور بالنقص .
5. ورود الشبه على قلبه من خلال المحيط والواقع .
6. استمراء هذه المعاصي من قبل بيئة الطالب .
7. الضغط من قبل الواقع الذي يعيشه الطالب على فعل هذه المنكرات .
8. الاستهزاء والسخرية بالطالب من قبل مجتمعه في البيت والمدرسة والحي .
9. مصاحبة السيئين خارج هذه الحلقات مما يؤثر على سلوكه وأخلاقه .
10. غياب أو ضعف الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في المحيط القريب .
11. قلة المعين من الأخيار مع قوة الداعي .
12. ضعف صلة الطالب بالله تعالى ، من خلال ضعف الاهتمام بالبرامج الإيمانية ، غياب القدوة الحية ... الخ .
13. عدم الاهتمام بالتربية الوقائية ، وإيجاد حصانة داخلية عن مثل هذه التغيرات ، ومن ذلك العزوف عن طرح بعض المعاصي البارزة في المجتمع على سبيل الوقاية كحكم سماع الأغاني ، وشرب الدخان ، وحلق الحية ، وإسبال الثياب ، والزنا واللواط ، ورفقاء السوء ...الخ .
• العلاج :
إذا حدد المربي الأسباب الجوهرية فسيسهل عليه الحل بإذن الله وقبل ذكر بعض طرق العلاج هناك أربع وقفات :
- أن يبني المربي الحل على قاعدة المصلحة والمفسدة ، فيفرق بين صاحب الضرر المتعدي والضرر القاصر . فالأول قد يصرح له ويحذر وينصح ثم يبعد عن المحيط ، لكن من المهم بعد عدة محاولات لنصح الطالب وتوجيهه ، أن نعقد اتفاقاً معه أننا متى ما شعرنا أن ضرره تعدى لغيره أننا قد نضطر إلى إبعاده عن المجموعة ولا يعني ذلك إهماله . أما الآخر فيتخذ معه أكثر من وسيلة وإن لم ننجح فالأولى بقاؤه مع تحصين المحيط ، ما لم يستفحل الأمر وتستشري العدوى مع توقع أن الظاهرة حينئذ لن تكون بسبب الشخص فقط ! . -على المربي مباشرة المشكلة في أولها ، وعدم تركها حتى تستفحل ، ولا يعني هذا الاستعجال في الحل واتخاذ إجراءات قد تكون غير مناسبة للشخص ، وإنما اختيار الوقت والمكان والأسلوب المناسب . -تحديد السبب بشكل جيد ، يؤدي إلى تحديد العلاج المناسب للشخص . -على المربي أن يتخذ أفضل وأنسب الطرق وليس أيسرها ، إذا ما أراد الثمرة أن تؤتي أكلها .
ومن الطرق المناسبة في حل هذه المشكلة ما يلي :
1. إعطاء الجانب الإيماني حقه من العناية ، فما ظهرت مثل هذه المشاكل إلا بسبب قلة العناية – سواء من الطالب أو الحلقة أو البيئة على وجه العموم – بهذا الجانب من الرقائق والموعظة بالتي هي أحسن خصوصاً في مثل هذا الزمن .
2. تقوية تعظيم أمر الله وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم في نفس الطالب .
3. الاهتمام بنشر الدليل الصحيح وتأصيل الممارسات المعتادة شرعاً .
4. تعويد الطلاب جميعاً على الدعوة إلى الله ونصح الناس وحثهم على الخير فهذه تعين الطالب على الالتزام بما يأمر به وتبعده عن الوقوع في مثل هذه المعاصي .
5. بيان خطر الذنوب والمعاصي على الفرد والمجتمع .
6. القرب الحسي والمعنوي من صاحب المعصية وقطع الحواجز وعدم تنفيره لأجل التغلب عليها .
7. غرس الشعور بشرف الانتماء لطريق الخير والصلاح في نفس الطالب .
8. التربية الوقائية باستشراف المستقبل والتنبؤ به من قبل المربي .
9. بث المفاهيم المهمة بين الطلاب : كالعزة ، والجدية في الاستقامة ، والصدق مع الله ، والخوف منه ... الخ .
10. إشباع الحاجات النفسية لدى المتربي أو تهذيبها : كحب التقدير ، والاحترام ... الخ حتى لا يبحث عنها عن طريق هذه المعاصي .
11. استخدام أساليب الإقناع المؤثرة في الطالب سواء العاطفية أو العقلية .
12. عدم الاقتصار والتركيز على معالجة المقصر في المعصية الظاهرة فقط ، بل يستمر في تحفيزه لفعل الخيرات وعمل الصالحات والمشاركة في البرامج النافعة مع نصحه وتوجيهه فتتكامل العملية علاجاً وبناءً في آن واحد .
13. تفعيل دور الطلاب في الحلقات تجاه هذه المعاصي البارزة بالنصيحة ونحوها ، وعدم قصرها على المشرفين .
14. إشعار المتربي عند نصحه بحب الخير له والانطلاق منه ، وأنه ليس المقصود انتقاصه أو إحراجه .
15. تفعيل دور البيئة إذا كانت جيدة أو المقربين من الطالب في حل المشكلة .
16. الاستفادة من قاعدة التغيير وهي : أن التغيير في التفكير أو الشعور أو السلوك سيؤدي إلى التغيير فيها جميعاً .
17. تفعيل دور الطالب نحو علاج مشكلته من حيث لا يشعر ، كطرح مشكلة مقاربة لها وطلب حلها منه .
18. التأكيد على بعض المفاهيم والسنن كقوله تعالى : {إن الله لا يغير ما بقومٍ حتى يغيروا ما بأنفسهم}... الخ .
19. الدعاء وصدق الالتجاء إلى الله تعالى .
20. إبعاد الطالب عن المحيط إن كان من المصلحة إبعاده كأن يكون له تأثير سلبي وليس هناك استجابة ؛ لكن من المهم أن يكون التسريح بإحسان وحكمة ويكون إلى خيار آخر جيد بقدر المستطاع .
• وختاماً :
جيد أن تحفزنا هذه المشكلة وأجناسها إلى إيجاد بيئات ومحاضن تربوية مختلفة ومتعددة تهتم بالمستقيم وتحرص على محب الخير المقصر وتسعى إلى إصلاح وجذب المبتعد .
أسأل الله العلي العظيم بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يهدي ضال المسلمين ويثبت مطيعهم ، وأن يبارك في أعمالنا وأعمارنا وأن يجعلنا مباركين أينما كنا .
كما لا يفوتني أن أشكر كل من أفادني برأي أو اقتراح أو مشورة وعلى رأسهم فضيلة الشيخ الدكتور / عبد الرحمن بن صالح المحمود . وفضيلة الشيخ / محمد بن عبد الله الدويش .
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
كتبه /
أبو إبراهيم التميمي
__________________