admin Admin
عدد المساهمات : 228 نقاط : 753 تاريخ التسجيل : 08/04/2009 الموقع : https://alkibar.ahlamontada.com/
| موضوع: الأرملة السوداء الجمعة فبراير 05, 2010 4:23 am | |
| يجب وضع حد لهذه المهزلة ... و اليوم
هكذا جاء صوت ' سي قدور ' أمام جمع من سكان الحي، كان شامخا في وقفته، معتدل القامة، عريض الكتفين، و بريق عينيه قد طغى على بريق شمس الضحى، يحمل بيده يومية الخبر و قد انهارت منهكة باهتة الطلعة بعد أن اعترفت بكل أسرار الجماعات و المنظمات العالمية، إرهابية كانت أو إنسانية.
نعم ... كلمة جاءت موحدة و جهورية من أتباع هذا البطل القومي.
يجب وضع حدا لهذه الدخيلة الجديدة على حينا المحترم.
و جاء صوت هذا الخطيب من جديد بحدة أشد من الأولى: الكل قد لاحظ التصرفات الغير أخلاقية لهذه المرأة و لم يمض على تواجدها سوى ثلاثة أسابيع.
كان يتكلم عن سهيلة، الساكنة الجديدة في العمارة، فتاة في عقدها الثالث، أرملـــة و أم لطفلة عمرها سبع سنوات، و لها أم قد تردد عليها أكثر من رسول، ينذرها باقتراب موعد رحلتها إلى حيث اللاعودة.
كانت كثيرة المبيت خارج بيتها، تذهب قبل غروب الشمس بثواني، لتعود بعد شروقها بدقائق.
بدأ " سي قدور " يعدد مساوئ الأرملة السوداء – كما أسماها - تتطاير من فمه نقاط كثيفة من لعاب يسابق الكلمات المحمسة، لتضفي عليها نكهة الإنتفاضة أمام ستار العار الذي بات يهدد سمعة هذا الحي العريق.
" الأسبوع الماضي، لمحها " سي مروان " تخرج من إحدى الفيلات الفخمة في حي النبلاء، هي ملك لأحد المحامين البارزين في البلاد.
هكذا صرخ بها 'سي قدور' و التفت الجمع إلى صاحب الرؤيا ليجدوه يهز رأسه مؤكدا صحة هذا التصريح الخطير :
و بناءا على هذا، أرى أنه من الواجب علينا طردها من العمارة و اليوم.
و ما إن ختم هذه الجملة المصيرية، حتى جاءه صراخا آخر، صم القلوب قبل الآذان، فالتفت الكل متسائلا عن مصدره قبل سببه، فجاء الجواب أن المصدر هو العمارة، الطابق الرابع، جحظت عينا الخطيب و ركض مذعورا إلى شقته، يسابق سرعة الصوت الصارخ، ليقف على رأس زوجته تحتضن طفلها الجامد.
تلعثم لسانه سائلا: ماذا حدث؟
فجاءه الجواب من زوجته المفجعة: أدركني ... لقد تناول محلول مبيد الحشرات.
فاختطفه منها و ركض خارجا تلحقه زوجته مكشوفة الرأس، و ما هي إلا دقائق ليجدا أنفسهما في المستشفى، مرميان عند قدمي الطبيب يرجوانه أن ينقد وحيدهما الذي حظيا به بعد عشرة أعوام من الإنتظار المضني.
تلقى الطفل الإسعافات اللازمة، و جلس سي قدور و زوجته في رواق المستشفى، يتساءل: ماذا لو توفي إبني؟ يا رب إرحمني، أنا عبدك الضعيف، و هذا وحيدي فلا تحرمني منه يا رب العباد.
قاطعت تفكيره دردشة خافتة بين ممرضتين في الرواق.
الممرضة الأولى : إنها تشير إلى السابعة تقريبا، لقد حان موعد ذهابك إلى فيلا المحامي، لتنظفي له جرح قدمه المبتورة.
الممرضة الثانية : اليوم لن أذهب، طلبت إذنا من الطبيب بإرسال ممرضة غيري.
الممرضة الأولى : لماذا؟ عسى المانع خيرا إن شاء الله
الممرضة الثانية : سأبقى إلى جانب جيراني، ابنهما في غرفة المراقبة... سأسهر لمراقبة حالته.
ثم تقدمت هذه الممرضة صوب " سي قدور " و بصوت خافت خاطبته:
عفوا " سي قدور " لقد تعدى طفلك مرحة الخطر، خد زوجتك إلى البيت لترتاح، سأسهر الليلة بجانب طفلكما، لا تقلقا ... إنه بمنزلة ابنتي الوحيدة، و لا تنسى أن تخبر والدتي أني الليلة أيضا سأبقى في المستشفى.
التفت صوبها، و كانت المفاجأة الكبرى، لقد كانت هي ... الأرملة السوداء.
| |
|